أعلنت الصين، يوم الثلاثاء، أنها مستعدة للرد "حتى النهاية" بعد فرضها رسوماً جمركية على مجموعة من السلع الأميركية
في رد مباشر على إجراءات واشنطن الجديدة التي استهدفت المنتجات الصينية.
وفي مؤتمر صحفي، صرح لين جيان، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، قائلاً:
"إذا استمرت واشنطن في شن حرب تجارية أو فرض رسوم جمركية جديدة، فإن الصين مستعدة لمواجهتها حتى النهاية."
تصعيد سريع في النزاع التجاري
في رد فوري على الخطوة الأميركية، أعلنت بكين يوم الثلاثاء زيادة الرسوم الجمركية على واردات أميركية بقيمة 21 مليار دولار،
شملت المنتجات الزراعية والغذائية، مما يعمّق من حدة الصراع بين أكبر اقتصادين عالميين.
كما فرضت قيودًا على 25 شركة أميركية، تشمل قيودًا على التصدير والاستثمار بدواعٍ أمنية، لكنها تجنبت معاقبة شركات معروفة
وهو نهج مختلف عن ذلك الذي اتبعته في ردها على إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب في فبراير الماضي.
وفي بيان شديد اللهجة، أكدت وزارة الخارجية الصينية في بكين أن الصين "لن تخضع للابتزاز أو الإكراه"
معتبرةً أن أي محاولة لممارسة ضغوط شديدة على بكين هي خطأ استراتيجي وسوء تقدير من قبل واشنطن.
بكين تدين انتهاك القواعد التجارية
من جهتها، أصدرت وزارة التجارة الصينية بيانًا رسميًا وصفت فيه الرسوم الأميركية الجديدة بأنها انتهاك خطير لقواعد منظمة التجارة العالمية
مؤكدةً أنها "تقوض الأساس الاقتصادي والتجاري بين البلدين". وأضافت الوزارة أن الصين ستدافع بقوة عن مصالحها الاقتصادية المشروعة.
دخلت الرسوم الأميركية الإضافية البالغة 10% على المنتجات الصينية حيز التنفيذ في تمام 05:01 بتوقيت غرينتش يوم 4 مارس
مما رفع التعريفة الجمركية التراكمية إلى 20%. وقد علّلت واشنطن هذه الخطوة بعدم اتخاذ بكين تدابير كافية لمكافحة تدفق المخدرات إلى الولايات المتحدة
وهو ما رفضته الصين بشدة، واصفةً الاتهامات الأميركية بأنها "ابتزاز سياسي".
يحاول المسؤولون الصينيون تجنّب تصعيد غير محسوب، حيث تعمدت بكين تحديد نسبة الرسوم الجديدة عند أقل من 20%
ما قد يترك مجالًا للمفاوضات مع واشنطن، وفقًا لمحللين اقتصاديين.
وقال إيفن باي، المحلل الزراعي في تريفيوم تشاينا: "يبدو أن الصين لا تريد تصعيد المواجهة إلى حرب تجارية شاملة
لكن كل خطوة تصعيدية تجعل فرص التوصل إلى اتفاق أصعب."
تعريفات أميركية مشددة تستهدف الإلكترونيات
الرسوم الأميركية الجديدة توسّعت لتشمل مجموعة واسعة من المنتجات الصينية، مثل:
أشباه الموصلات (تمت مضاعفة الرسوم إلى 50%).
السيارات الكهربائية (ارتفعت الرسوم إلى أكثر من 100%).
الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وأجهزة الألعاب والساعات الذكية ومكبرات الصوت وأجهزة البلوتوث (تم فرض رسوم بنسبة 20% لأول مرة).
الصين ترد بفرض تعريفات على الزراعة الأميركية
مع انتهاء المهلة الأميركية، أعلنت الصين فرض رسوم جمركية إضافية على عدة منتجات زراعية أميركية اعتبارًا من 10 مارس، شملت:
15% على الدجاج والقمح والذرة والقطن.
10% على فول الصويا والذرة الرفيعة ولحوم الخنزير والبقر والمأكولات البحرية والفواكه والخضروات ومنتجات الألبان.
ويقدَّر أن هذه الرسوم ستؤثر على 15% من إجمالي الصادرات الأميركية إلى الصين، أي 21 مليار دولار من التجارة الثنائية، وفقًا لحسابات رويترز.
إجراءات صينية ضد الشركات الأميركية
بالإضافة إلى الرسوم الجمركية، أعلنت بكين قيودًا إضافية على الشركات الأميركية:
إدراج 15 شركة أميركية في قائمة الرقابة على الصادرات، مما يمنع الشركات الصينية من تزويدها بتقنيات حساسة.
إدراج 10 شركات أخرى في قائمة الكيانات غير الموثوقة بسبب تورطها في بيع أسلحة إلى تايوان.
وقال كاميرون جونسون، خبير سلاسل التوريد في تيدالويف سولوشنز: "نحن على طريق الوصول إلى 60% من التعريفات الجمركية، إذا واصل ترامب تهديداته."
التوترات تهدد أسواق الزراعة والتجارة العالمية
تُعَد الصين أكبر مستورد للمنتجات الزراعية الأميركية، لكن وارداتها من هذه المنتجات تراجعت للعام الثاني على التوالي
حيث بلغت 29.25 مليار دولار في 2024، بعد أن كانت 42.8 مليار دولار في 2022.
ويرى محللون أن التصعيد قد يدفع الصين إلى تنويع مصادرها الزراعية عبر الاعتماد على دول مثل البرازيل
بينما سيحاول المصدرون الأميركيون تعويض خسائرهم عبر التوجه إلى أسواق جنوب شرق آسيا وإفريقيا والهند.
في هذا السياق، قال دينيس فوزنيسينكي، المحلل في بنك الكومنولث في سيدني:
"الرسوم الجمركية الصينية على القمح والذرة الأميركية قد تدعم صادرات أستراليا، لكن تباطؤ الطلب الصيني قد يخفف من تأثير ذلك."
عقب الإعلان عن الرسوم الأميركية، شهد اليوان الصيني تراجعًا طفيفًا مقابل الدولار، إذ ارتفع إلى 7.2826 يوان للدولار بحلول 05:51 بتوقيت غرينتش
فيما استقر اليوان الخارجي عند 7.2867 يوان للدولار.
يواصل بنك الشعب الصيني دعم اليوان عبر تحديد نقاط منتصف ثابتة منذ نوفمبر الماضي
لكن محللين في نومورا أشاروا إلى أن الصين قد تسمح في النهاية بتراجع اليوان تدريجيًا، كما فعلت في أزمات 2018 و2019 أثناء الحرب التجارية السابقة.
مخاوف من ارتفاع التضخم العالمي
يحذر اقتصاديون من أن التوترات التجارية الحالية قد تفاقم الضغوط التضخمية، حيث قد ترتفع تكلفة الاستيراد في الولايات المتحدة
بينما قد تواجه الصين صعوبات في تعافي اقتصادها، الذي لا يزال يعتمد بشكل كبير على الصادرات بعد أزمة كوفيد-19.
أصدر مجلس الأعمال الأميركي - الصيني بيانًا، أكد فيه أن رفع الرسوم الجمركية لن يحل مشاكل التجارة غير المشروعة في الفنتانيل
بل سيلحق ضررًا بالشركات والمستهلكين الأميركيين.
وقال شون شتاين، رئيس المجلس: "الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة قد تعود بالفائدة على أطراف ثالثة
فيما تسعى بكين لتقليل اعتمادها على السلع الزراعية الأميركية عبر تعزيز الإنتاج المحلي وزيادة الاستيراد من دول أخرى."
تسلا تواجه منافسة شرسة
وعلى صعيد أخر؛ تراجعت مبيعات شركة "تسلا (NASDAQ:TSLA)" من السيارات صينية الصنع بشكل حاد خلال فبراير الماضي
بفعل المنافسة القوية التي تواجه الشركة الأمريكية من صناع السيارات الكهربائية المحليين.
وهبطت مبيعات "تسلا" من السيارات المصنعة في الصين بنسبة 49.2% في فبراير، مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي
لتسجل 30.688 ألف وحدة، بحسب البيانات الصادرة عن رابطة سيارات الركاب الصينية اليوم.
وكشفت البيانات تراجع تسليمات السيارات المصنعة في الصين من طرازي "موديل واي" و"موديل 3" بنسبة 51.5% على أساس شهري في فبراير 2025.
قامت "تسلا" ببيع حوالي 63.238 ألف سيارة صينية الصنع في يناير الماضي، بانخفاض قدره 11.5% مقارنة بنفس الشهر من عام 2024.
وأعلنت الرابطة الصينية ارتفاع مبيعات شركة "بي واي دي" من سيارات الركاب الكهربائية بالكامل والهجينة بنسبة 161.4% ليصل إلى 318.233 ألف سيارة في الشهر الماضي.
يشار إلى أن شركات صناعة السيارات ستواجه ضغوط قوية خلال الفترة المقبلة، بسبب الرسوم الجمركية التي فرضتها الإدارة الأمريكية على الصين وكندا والمكسيك، والتي دخلت حيز التنفيذ اعتبارًا من اليوم.
أعلن البيت الأبيض أمس رفع الرسوم الجمركية على الصين إلى 20%، بسبب فشل بكين في وقف تهريب المواد المخدرة إلى الولايات المتحدة.
وردًا على هذا القرار، أعلنت بكين فرض رسوم جمركية إضافية تتراوح بين 10 إلى 15% على عدد من السلع الزراعية والغذائية الأمريكية.