كان الجد حازم يجلس على حافة النهر كل مساء،
يراقب المياه الساكنة التي تعكس لون السماء كمرآة صافية.
كان يؤمن أن الحياة تشبه هذا النهر، هادئة أحيانا، وعاصفة أحيانا أخرى.
في أحد الأيام، جلس حفيده باسم بجانبه، حزينا،
وقد انحنى رأسه كأنه يحمل هموم العالم على كتفيه.
لاحظ الجد ذلك، فابتسم بهدوء والتقط حصاة صغيرة، ثم رماها في النهر ..
انتشرت الدوائر على سطح الماء ببطء، ثم اتسعت شيئا فشيئا حتى اختفت.
نظر باسم إلى الجد باستغراب ملفوف برداء التساؤل، فبادره الجد قائلا:
"أرأيت هذه الدوائر؟ إنها مثل أفعالنا في الحياة.
حتى الحصاة الصغيرة يمكن أن تصنع أثرا واسعا في المياه الراكدة،
تماما كما يمكن لفعل صغير أن يغير الكثير."
تأمَّلَ باسم كلمات جده، وشعر كأنها تلامس شيئا ما في داخله.
أدرك أن المشكلة التي تؤرّقه ليست نهاية العالم،
وأنه بقليل من الشجاعة يمكنه أن يُحرّك سكون أيامه،
تماما كما فعلَتْ تلك الحصاة في المياه الهادئة.
ابتسم الجد وهو يرى بريق الأمل يعود إلى عيني حفيده، ثم قال بهدوء:
"لا تخش أن تُلقي بحصاتك في مياه الحياة، فقد يكون أثرها أعظم مما تتوقع."
***