قصة محمد المصري الذي تحول من طالب طب إلى أسير حرب في أوكرانيا
في ظل الأحداث المتلاحقة التي تشهدها المنطقة، تبرز قصة تثير القلق وتستحق أن نسلط الضوء عليها. إنها قصة "الفخ الروسي"، الذي وقع فيه العديد من الشباب العرب، ومن بينهم الشاب المصري محمد من صعيد مصر، الذي تحول من طالب طب يحلم بمستقبل مشرق إلى أسير حرب في أوكرانيا.

محمد، ابن أسرة متوسطة الحال من قنا، كان يحلم بدخول كلية الطب بعد حصوله على 89% في الثانوية العامة عام 2021. لكن أحلامه تبددت عندما لم يلتحق بالكلية التي كان يتمناها. بناءً على نصيحة أصدقائه، قرر السفر إلى روسيا لدراسة الطب، حيث لا تعتمد الجامعات هناك على المجاميع الدراسية. وبالفعل، سافر محمد إلى قازان في تتارستان، وبدأ في تعلم اللغة الروسية والاستقرار هناك.
لكن سرعان ما تحول الحلم إلى كابوس. تكاليف الدراسة الباهظة أجبرت محمد على العمل بدوام جزئي كسائق توصيل، بينما كان يطلب المساعدة المالية من أسرته. ومع تفاقم الديون، تم فصله من الجامعة وإلغاء تأشيرته، ليجد نفسه عالقًا في بلد أجنبي دون أي وسيلة للعودة إلى وطنه.
هنا بدأ "الفخ الروسي" في الإغلاق على محمد. عرضت عليه الحكومة الروسية عقدًا للخدمة في الجيش مقابل الحصول على الجنسية الروسية ومبلغ مالي كبير. وعدوه بأن الخدمة ستكون مجرد تدريب روتيني، وربما لن يضطر للقتال. وبدون خيارات أخرى، وافق محمد على العرض.
لكن الواقع كان أكثر قسوة. بعد حصوله على الجنسية، تم إرساله إلى أوكرانيا للمشاركة في الحرب، حيث وجد نفسه في قلب المعركة، يحمل السلاح ويقاتل كمرتزق. بعد فترة من الاختفاء، ظهر محمد في فيديو توثيقي على يوتيوب، حيث تم أسره من قبل القوات الأوكرانية. في الفيديو، سمح له بالاتصال بأمه عبر مكالمة فيديو ليطمئنها على حالته، لكنه الآن أسير حرب، وقد يتعرض للإعدام أو يبقى في السجن لسنوات طويلة.
قصة محمد ليست فريدة من نوعها. هناك العديد من المصريين والعرب الذين وقعوا في هذا الفخ، سواء كانوا طلابًا أو عمالًا أو حتى من تزوجوا من روسيات وسافروا إلى روسيا بحثًا عن فرص أفضل. يتم استقطابهم للخدمة في الجيش الروسي مقابل وعود بالجنسية والمال، لكن الكثيرين منهم لا يعودون أبدًا، ويختفون دون أثر.
هذه القصص تذكرنا بضرورة الحذر من الوعود البراقة، خاصة في أوقات الأزمات. الفخ الروسي ليس مجرد خطر على الأفراد، بل هو قضية إنسانية تحتاج إلى وقفة جادة من المجتمع الدولي لحماية الشباب من الوقوع في مثل هذه المصائد.