الحكيم من يحكم نفسه..
● لكي نكون سعداء يجب ألا ننقاد لأمزجتنا وانفعالاتنا التي تسوقنا من تلقاء نفسها إلى أشد التعاسة والشقاء. أن نكون سعداء، أو بالأحرى أن نقلص من دائرة الشقاء في هذه الحياة العابرة. معناه أن نكون قادرين على التحكم في ذواتنا بالذات.
●من المدهش حقا أن يتبين المرء مدى السعادة والمقدرة اللتين تواتيانه إذا هو استطاع أن ينظّم ذهنه بحيث يصبح قادرًا على أن يفكّر في أي مسألة تفكيرًا سديدًا في الوقت الملائم بدل أن يرهق نفسه بتفكير متخبط في كل الأوقات.. فليس علينا أن نشغل بالنا دوما في التفكير المستمر بلا طائل.
●مؤكد أن داخل كل إنسان ثمة وحش مخيف في حالة كمون. لكنه متأهب دوما للانفلات، لا سيما في لحظات تفجر الانفعالات السلبية: الغضب، الغيرة، الجشع، الشهوة، الشراهة، أو حين يسوء المزاج الميال بطبعه إلى السوء. من هنا يحتاج الإنسان إلى حسن تدبير الذات حتى لا تنفلت منه ذاته، فيصير على حين غرة شخصًا شرهًا، أو متعصبًا، أو عنيفًا، أو مختلسًا، أو متحرشًا، أو هائجًا كالوحش الضاري. وقد لا يدركه الندم أو الخجل إلا بعد فوات الأوان.
أن يتحكم المرء في المجال الذي يقع تحت نفوذه سواء أكان مدير إدارة، أو قائد فرقة، أو رب أسرة، أو ربان طائرة، أو كان ممارسا لأي فعل يتطلب التحكم في الذات، أو غير ذلك. فمعناه أن يكون قادرا على ضبط انفعالاته وأهوائه حتى لا تنفلت منه أو تنقلب عليه.
●ما يعني أن التعقل يندرج ضمن فن العيش في أدق تفاصيله. فحين تضعف القدرة على التحكم في الذات، قد تنتهي الذات إلى تدمير الذات. ألا نلاحظ انجذاب ذواتنا إلى الأطعمة التي تسبب لها الضرر!؟ بهذا المعنى فإن حسن تدبير الذات هو أساس حياة جديرة بالحياة.
●بكل تأكيد حين نتألم نحتاج إلى الكثير من الحكمة لكي نقرر ألّا نزعج الآخرين بأنيننا وتبرمنا. وحين يستبد بنا الغضب نحتاج إلى الكثير من الحكمة لكي لا نتّخذ أي قرار متسرّع. وحين نتحارب نحتاج إلى الكثير من الحكمة لكي لا ندمر كل إمكانات العودة إلى حالة السلام، وحين نخسر صحتنا بنحو لا رجعة فيه نحتاج إلى الكثير من الحكمة حتى لا نعذب معنا الآخرين..