أولًا: سبب نزول سورة الفلق
نزلت سورة الفلق عندما تعرض النبي ﷺ للسحر من قِبَل لبيد بن الأعصم، وهو رجل يهودي سَحَر النبي ﷺ باستخدام مشط وشعر ووضعه في بئر ذروان. أثر السحر على النبي ﷺ وجعله يشعر بتغيرات في حالته، لكنه لم يؤثر على وحيه أو رسالته.
أرسل الله تعالى جبريل عليه السلام ليُخبر النبي ﷺ عن مكان السحر، وأمره بقراء المعوذتين (الفلق والناس)، فقرأهما النبي ﷺ، فشفاه الله وأبطل السحر.
الدليل على القصة
ورد في صحيح البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال:
“سُحِرَ النبيُّ ﷺ حتى كان يُخيَّلُ إليه أنه كان يصنعُ الشيءَ وما صنعه، حتى إذا كان ذاتَ يومٍ وهو عندي دعا اللهَ ودعاه، ثم قال: أشَعَرْتِ أنَّ اللهَ أفتاني فيما استفتيتُه؟ أتاني رجلانِ، فقعَد أحدُهما عند رأسي، والآخرُ عند رجلي، فقال أحدُهما لصاحبِه: ما وجَعُ الرجلِ؟ قال: مطبوبٌ، قال: ومَن طَبَّه؟ قال: لبيدُ بنُ الأعصمِ، قال: في أيِّ شيءٍ؟ قال: في مُشطٍ ومُشاطَةٍ وجُفِّ طَلْعَةِ ذَكَرٍ، قال: فأين هو؟ قال: في بئرِ ذَرْوَانَ.”
ثم أمر النبي ﷺ بإخراج السحر وشفاه الله بعد أن قرأ المعوذتين.
ثانيًا: تفسير سورة الفلق
قال تعالى:
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ)
• أي: أطلب الحماية واللجوء إلى الله، رب الفجر الذي يُخرج النور من الظلام.
(مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ)
• أي: من شر جميع المخلوقات، سواء كانت من الإنس أو الجن أو الحيوانات أو الكوارث الطبيعية.
(وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ)
• الغاسق: هو الليل، وقب: أي دخل واشتد ظلامه.
• لأن الليل وقت انتشار الشرور، مثل اللصوص والجن والسحر.
(وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ)
• النفاثات: هنَّ الساحرات اللواتي ينفخن في العقد أثناء ممارسة السحر.
• دليل على خطر السحر، وأنه يمكن أن يؤثر في الناس، لكن الله هو الحامي.
(وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)
• الحسد هو تمني زوال النعمة عن الآخرين، وهو شر قد يُسبب ضررًا نفسيًا أو جسديًا.
• دليل على أن الحسد قد يؤثر على الإنسان، لذا يجب التحصن منه بالدعاء وذكر الله.
ثالثًا: الفوائد المستفادة من الآيات
1. التحصن بالله من الشرور
السورة تعلمنا اللجوء إلى الله في كل الأوقات، فهو القادر على دفع الشر.
2. خطورة السحر والحسد
تؤكد الآيات أن السحر والحسد حقيقتان يمكن أن تؤذي الإنسان، ولهذا أمرنا الله بالاستعاذة به منهما.
3. الليل وقت انتشار الشرور
علمتنا السورة أن الليل فيه شرور أكثر من النهار، لذا يجب الحرص على الأذكار المسائية للتحصين.
4. أهمية قراءة المعوذتين
جعل النبي ﷺ المعوذتين (الفلق والناس) جزءًا من الأذكار اليومية، وكان يقرؤهما صباحًا ومساءً وقبل النوم.
5. الحسد يمكن أن يؤذي الإنسان
لذا أمرنا النبي ﷺ بكثرة ذكر الله، وقول “ما شاء الله لا قوة إلا بالله” عند رؤية شيء جميل لمنع الحسد.
الخاتمة
سورة الفلق من أعظم سور القرآن في التحصين من الشرور، وقد نزلت لحماية النبي ﷺ من السحر. وهي تذكير للمسلمين بأهمية التوكل على الله واللجوء إليه في مواجهة المخاطر. لذلك، يجب أن نجعلها جزءًا من وردنا اليومي للحفظ من كل سوء.
