logo




آخر المشاركات

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في [ :: ملتقـــى شباب سبيـــس بــاور :: ]، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

الخيط الرفيع بين تعارُضِ أمر الوالد والزوج

أوجب الشرعُ حقَّ الوالدين في البِرِّ والطاعة على الأبناء؛ فالوالدين برُّهما متأصِّل لا يمكن إسقاطه بسبب صدور تقصير، أو ظلم، أو فسق منهما؛ كما يشير إلى





09-02-2025 11:11 صباحاً
أوجب الشرعُ حقَّ الوالدين في البِرِّ والطاعة على الأبناء؛ فالوالدين برُّهما متأصِّل لا يمكن إسقاطه بسبب صدور تقصير، أو ظلم، أو فسق منهما؛ كما يشير إلى ذلك قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [لقمان: 15][1]؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية، وإن كانا فاسقَينِ، وهو ظاهر إطلاقِ أحمدَ، وهذا فيما فيه منفعة لهما، ولا ضرر، فإن شقَّ عليه، ولم يضرَّه، وَجَبَ، وإلا فلا"[2].
 
وقِوامة الأنثى قبل زواجها تكون لأبيها، وعليها طاعته في كل أمرٍ لا يخالف طاعة الله تعالى، وبرُّه بسائر أنواع البر؛ ومنه:
1- طاعة أوامره واجتناب معصيته.
2- الإحسان إليه.
3- خفض الجناح له.
4- الابتعاد عن زجره.
5- الإصغاء إليه.
6- الفرح بأوامره.
7- التودُّد له والتحبُّب إليه.
8- طلاقة الوجه له.
9- الجلوس أمامه بكل أدبٍ واحترام.
10- تجنب المن عليه.
11- الإكثار من الدعاء، والاستغفار له في حياته[3].
 
لكن إذا تزوَّجت الأنثى، انتقلت القوامة بالتبعية من الأب إلى الزوج؛ ليُدير الأخير دفَّةَ سفينة حياتهما، بما تشمله القِوامة من سائر الرعاية[4]، فقد جعل الله تعالى الزوج قوَّامًا على المرأة بالأمر، والتوجيه والرعاية، كما يقوم الوُلاةُ على الرَّعية، بما خصه الله تعالى من خصائص جسمية، وعقلية، وبما أوجب عليه من واجبات مالية؛ قال تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء: 34][5]؛ قال ابن كثير: "وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ﴾ [النساء: 34]: يعني: أمراء عليهن؛ أي: تُطيعه فيما أمرها الله به من طاعته، وطاعته أن تكون مُحسِنة لأهله، حافظة لماله، وكذا قال مقاتل، والسدي، والضحاك"[6].
 
وما تتطلبه قوامة الزوج من طاعة تامة، وخضوع كامل لأمر الزوج، فحقوق الزوج على الزوجة من أعظم الحقوق، بل إن حقه عليها أعظمُ من حقها عليه؛ لقول الله تعالى: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 228].
 
ومن حق الزوج على زوجته ما يأتي[7]:
1- وجوب الطاعة في غير معصية لله.
 
2- تمكين الزوج من الاستمتاع؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا دعا الرجل امرأتَه إلى فراشه، فأبَتْ، فبات غضبانَ عليها، لعنتها الملائكة حتى تُصبِح))[8].
 
3- عدم الإذن لمن يكرَهُ الزوج دخوله البيت؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يحِلُّ للمرأة أن تصوم وزوجها شاهدٌ إلا بإذنه، ولا تأذَنَ في بيته إلا بإذنه))[9].
 
4- عدم الخروج من البيت إلا بإذن الزوج.
 
5- التأديب، فللزوج تأديبُ زوجته عند عصيانها أمرَه بالمعروف لا بالمعصية؛ لأن الله تعالى أمَرَ بتأديب النساء بالهجر والضرب عند عدم طاعتهن.
 
6- خدمة الزوجة لزوجها؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وتجب خدمة زوجها بالمعروف من مثلها لمثله، ويتنوع ذلك بتنوع الأحوال، فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية، وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة"[10].
 
7- معاشرة الزوجة لزوجها بالمعروف.
 
8- أن تحفظه في نفسها، وماله، وأهله.
 
9- أن تحفظ أسراره، ولا تفضحه، ولا تُكْثِرِ التشكِّي عند أهلها، أو أهله، إذا ضاق عليها الحال، وتعسَّرت المعيشة وأسبابها، فإن من أهم الحقوق الزوجية التي يجب على الزوجة عدم التفريط فيها حفظَ جميع أسرار الزوج التي تعلمها، فلا تفشي منها شيئًا، ولا تُخبر بها أحدًا حتى ولو كان من أبويها، أو من أقاربها، أو من أقارب زوجها.
 
وإن كانت طاعة الزوج مشروطة باستمرار الحياة الزوجية، خلافًا لطاعة الوالدين التي هي على التأبيد، فعلى الرغم من ذلك، ما على الأب تجاه ابنته المتزوجة سوى النصيحة بالخير، وتقديم المشورة إذا طلبت منه، وتفقُّد حالها، والسؤال عليها بين الحين والآخر، دون تدخُّلٍ مباشر منه في حياتها الزوجية، إلا في حالات الضرورة، والضرورة تُقدَّر بقدرها، وكلا الأمرين (أمر الأب، والزوج) واجب طاعتهما، ما لم يتعارض الأمران، أو يخالف أحد الأمرين طاعةَ الله، فعندئذٍ يكون الأمر الآخر أولى بالطاعة[11].
 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: "فإنَّ كل طاعة كانت للوالدين انتقلت إلى الزوج، ولم يبقَ للأبوين عليها طاعة: تلك وجبت بالأرحام، وهذه وجبت بالعهود؛ أي الميثاق الغليظ، وهو عقد الزواج"[12].
 
وقوله تعالى: ﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾ [النساء: 34] يقتضي وجوب طاعتها لزوجها مطلقًا؛ من خدمة، وسفر معه، وتمكين له، وغير ذلك، كما دلَّت عليه سُنَّةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الجبل الأحمر، وفي السجود، وغير ذلك[13].
 
ويمكن للزوجة التوفيق بين طاعة الزوج، وطاعة الوالدين غالبًا، وطاعة الزوج لا تعني إلغاء طاعة الزوجة لوالديها، فهي واجبة أيضًا، ويجب عليها الحرص على المواءمة بين الطاعتين، والتوسط، والاعتدال فيها، خاصة إن لم يكن هنالك تعارض بين طاعة الزوج، وطاعة الوالدين[14].
 
إن مصطلحي المواءمة، والاعتدال بين رضا الأب والزوج هو ذلك الخيط الرفيع الذي تمتلكه الزوجة بيدها، وهو خيط إما واصل لِرَضَيَينِ (رضا الأب، ورضا الزوج)، أو فاصل بين تعارضين لرضيين، فإما أن تحكِّم الزوجة عقلها، وهذا لا يحدث إلا نادرًا، فتعدل بينهما دون مَيلِها لأحدهما على حساب الآخر، وتحوك من الخيط الرفيع جسرًا قويًّا يعبر من فوقه كلا الرضيين؛ فتكون الأمور على خير ما يرام، ولا يحدث صدام، وإما أن تحكِّم عاطفتها في الحكم بينهما، وللأسف هذا غالب ما يحدث، فتجور على زوجها؛ لفطرتها الموجَّهة لها بالميل القلبي، والتأثير العاطفي تجاه أبيها، فتُطلق العِنان لقلبها في الوزن لهما بميزان مائل بكِفَّةِ والدها؛ فتحوك من الخيط الرفيع حبلًا غليظًا، كمِشْنَقة تلُفُّها حول رقبة زوجها حرصًا منها على بر أبيها، ومبالغةً بحبه محبةً في غير موضعها؛ إذ ليس من بر الوالد انتهاك سيادة الزوج، والحط من شأنه؛ بتأخيرها سيادة الزوج عمدًا، وتقديمها الأب؛ لاعتلاء عرش سَنِّ القرارات، والتأمين منها على رأيه في سائر المهمات، وما على الزوج إلا تنفيذها دون استشارة منه، أو أخذ رأيه بدايةً قبل صدور أي قرار[15].
 
ليس من بر الزوجة زوجَها أن تُنصِّب والدها بتتويجه مَلِكًا ببيت زوجها دون رغبة من الزوج؛ حيث يأمر الأب فتطيع أمره، وينهى فيتم الامتثال لنهيه؛ فيتسيَّد في بيت زوج ابنته بفرمان من ابنته، بإعطاء الضوء الأخضر منها له في استخدام زوجها، وسائر رعيته من بنين وبنات، لتمرير أحكامه، وكل قراراته دون مراعاة لوجود الزوج، أو حتى استشارته، فقد تحوَّل الأب من ضيفٍ ببيت زوج ابنته إلى صاحب بيت، وصار الزوج ضيفًا على الأب وابنته، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يَؤُمَّ الضيفُ صاحبَ البيت في الصلاة، ولا يتصدر بإصدار أمر أو نهي إلا بإذن من صاحب البيت؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((ولا يَؤُمَّنَّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه))، وهو مكانه الذي ينفرد فيه بالأمر والنهي، أو فيما يملكه، أو في محل يكون فيه حكمه، فصاحب المكان أحقُّ، فإن شاء تقدم، وإن شاء قدم من يريده؛ لأنه سلطانه فيتصرف فيه كيف شاء تكريمًا له في مملكته، وصيانة لكرامته، وحفظ ماء وجهه ببيته[16]؛ بقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يُؤَم الرجل في سلطانه، ولا يُجلَس على تَكْرُمته في بيته إلا بإذنه))، ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يقعد الإنسان في بيت الرجل على تكرمته[17]، والتكرمة: ما يخص به ويُكرم من فراش ونحوه، إلا أن يُؤذَن له، وهذا النهي عن القعود على تكرمة الرجل في بيته؛ لأن المكان الذي يجلس فيه صاحب البيت والدار عادةً يكون محلًّا لأشياءَ لا يحب أن يطَّلع عليها غيره، أو يكون مشرفًا على داره كلها، أو على ما يريده هو، فيرى منه أحوال أهل بيته، ويبلغهم ما يريد، فإذا أذِن لغيره بالجلوس، علِم أن المكان آمن من ذلك كله؛ إذ للأب مملكته الخاصة به في بيته لا ينازعه فيها أحد، وللزوج مملكته الخاصة به في بيته لا يغصِبه أحد حقَّ تسيُّدِهِ فيها، ومن الإجحاف إعانة الزوجة والدها في ضمِّ المملكتين في حوزته[18].
 
ليس من بر الزوج أن تخص الزوجة والدها بالوجه الباسم، والشفة السعيدة، والضحكة البرَّاقة، ثم بذات الوقت تعبُس للزوج بوجه قانط، وشفة كئيبة[19].
 
ليس من بر الزوج أن تؤانس الزوجة والدها بالكلام، فتخصه بحديث مِدرارٍ هيِّنٍ ليِّنٍ جميل، وتصدر للزوج لأسباب واهية أحد أمرين لا ثالث لهما؛ أولهما: صمت مطبق لا إيناس به، ولا استئناس فيه، فلا تكاد تُسمعه همسًا، ولا حرفًا، ثانيهما: حديث الغلظة بالقول، والخشونة في اللفظ، والرُّعونة بالعرض، والرد ندًّا لندٍّ، وكلا الأمرين أمرُّ من سابقه، لكن مع الغلظة يكون الأقل مرارة منه هو الصمت الرهيب، والسكوت المهيب[20].
 
فإذا ما تباين الأمران (أمر الأب، وأمر الزوج)، واختلفا اختلافًا لا يمكن الجمع بينهما، فما الذي تفعله الزوجة حينئذٍ؛ حيث أُرسِل إلى لجنة الفتوى بالأزهر الشريف بمصر بتاريخ: 12-02-2019 سؤالٌ بهذا الشأن، وكان السؤال على نحو ما يلي: أيهما يُقدَّم: طاعة الزوج، أم طاعة الوالدين؟ وهل يجوز للمرأة الخروج من بيتها لخدمة والديها؟ وكانت الفتوى الصادرة من اللجنة ردًّا على السؤال السابق على نحو ما يأتي[21]: فإن تعارضت طاعة الزوج مع طاعة الوالدين، فيُنظر حينها، فإن كان أمر الزوج لزوجته بعد الزفاف في أمر مباح، وفيما يخص الحياة الأسرية، وكانت المصلحة ظاهرة فيه، فعلى الزوجة تقديم طاعة زوجها على طاعة والديها في هذه الحالة، وأما إن كان أمر الوالدين فيما لا علاقة له بحياتها الزوجية، وكان فيه مصلحة ظاهرة تتعلق بحقوق الوالدين، فتُقدَّم طاعة الوالدين على طاعة الزوج.
 
كما أن للزوج حقًّا مؤكدًا على زوجته، فهي مأمورة بطاعته، وحسن معاشرته، وتقديم طاعته على طاعة أبويها، وإخوانها، بل هو جنتها، ونارها؛ ومن ذلك: قوله تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ [النساء: 34]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يحل للمرأة أن تصوم، وزوجها شاهد إلا بإذنه، ولا تأذَنَ في بيته إلا بإذنه))[22]؛ قال الألباني رحمه الله معلِّقًا على هذا الحديث: "فإذا وجب على المرأة أن تطيع زوجها في قضاء شهوته منها، فبالأولى أن يجب عليها طاعته فيما هو أهم من ذلك مما فيه تربية أولادهما، وصلاح أسرتهما، ونحو ذلك من الحقوق والواجبات"[23]، وروى ابن حبان عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا صلَّت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصَّنت فَرْجَها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت))[24]، وروى ابن ماجه (1853) عن عبدالله بن أبي أوفى قال: ((لما قدِم معاذ من الشام، سجد للنبي صلى الله عليه وسلم، قال: ما هذا يا معاذُ؟ قال: أتيتُ الشام، فوافقتُهم يسجدون لأساقفتهم، وبطارقتهم، فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلا تفعلوا؛ فإني لو كنت آمِرًا أحدًا أن يسجُدَ لغير الله، لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حقَّ ربها، حتى تؤدي حق زوجها، ولو سألها نفسها، وهي على قَتَبٍ لم تمنعه))[25]، ومعنى القَتَبِ: رَحْلٌ صغير يُوضَع على البعير، وروى أحمد والحاكم عن الحصين بن محصن: ((أن عمَّةً له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة، ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أذاتُ زوجٍ أنتِ؟ قالت: نعم، قال: كيف أنتِ له؟ قالت: ما آلُوه - أي لا أقصر في حقه - إلا ما عجزت عنه، قال: فانظري أين أنتِ منه؛ فإنما هو جنتك ونارك))؛ أي: هو سبب دخولك الجنة إن قمتِ بحقِّه، وسبب دخولك النار عن قصَّرتِ في ذلك[26].
 
وعلى ذلك، فإذا ما تعارضت طاعة الزوج مع طاعة الأبوين، قُدِّمت طاعة الزوج؛ قال الإمام أحمد رحمه الله في امرأة لها زوج، وأم مريضة: "طاعة زوجها أوجب عليها من أمها إلا أن يأذَنَ لها"[27]، بل لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها، ولا زيارة ونحوها، بل طاعة زوجها أحقُّ، فتقديم طاعة الزوج بالمعروف على طاعة الوالدين؛ ليس لأن الزوج أعلى مكانة من الوالدين، بل لأن طاعته بالمعروف ثبتت بميثاق، وعهد، وعقد، ولا يجوز للمسلمة أن تنقض عهدًا وميثاقًا غليظًا، ولأن نظام الأسرة لا يستقيم إلا بذلك كما ذكرت[28]؛ قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ [المائدة: 1]، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المسلمون على شروطهم))[29].
 
ولأن مخالفة الزوجة أمرَ زوجها يترتب عليه فسخ الميثاق والعهد الذي أُقيمت على أساسه الأسرة، فيحدث فراق بينهما، فتتشرد أسرة بأكملها، وتذهب في مهبِّ الريح، بخلاف مخالفة الزوجة أمر والدها لا يترتب عليه انهدام أسرة، ولا إبطال عهد وميثاق غليظ؛ فعاطفة الأبوة أقوى من أي شيء، وتغفر لولدها وابنتها كل شيء، فالصلة مستمرة، والوُدُّ موصول على التأبيد، وإن شابه بعض التوتر[30]؛ وعليه، فإذا أمر الوالد ابنتَه بما يلزم منه عدم طاعتها لزوجها بالمعروف، فقد أمرها بنقض هذا الميثاق والعقد، وهو أمرٌ بمعصية، ولا طاعةَ لمخلوق في معصية الخالق؛ فعن علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف))[31].
 
فكثيرًا ما تتصدع الحياة الزوجية، وتنهدم البيوت؛ بسبب حكم الزوجة الجائر، وميزانها المائل، لصالح والدها على حساب زوجها في بيته؛ حيث تميل الزوجة للانتصار لكل كَلِمٍ، والانتصاف لكل أحرف سطَّرها لسانه، ويكأنها لا ترى أمام عينيها سواه، وليس بالوجود إلا هو، ولو نظرنا لحقيقة الأمر لوجدنا أن الزوج هو كذلك أبٌ لبنين وبنات، لكنه حاز لقب الزوج قبل الأُبُوَّة، وقد سنَّ له الدين حقوقًا كزوج على زوجته؛ منها: احترام كينونته، وتقدير ذاته، وإبرار قسمه، وإعلاء كلمته، وإسعاد حياته، وعلوِّ هامته، والتشرُّف به، وطِيب الحديث عنه، واحترام قراره، وتسيُّده في بيته؛ حتى يسمو بنظر الآخرين قبل نظر زوجته وأبنائه[32].
 

look/images/icons/i1.gif الخيط الرفيع بين تعارُضِ أمر الوالد والزوج
  09-02-2025 10:20 مساءً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 04-01-2025
رقم العضوية : 1673
المشاركات : 1170
رصيد العضو : 205.15
الدولة : مصر
الجنس :
يتابعهم : 4
يتابعونه : 3
قوة السمعة : 250
بارك الله في نساء المسلمين
توقيع :آمون



 آ مــ ون

look/images/icons/i1.gif الخيط الرفيع بين تعارُضِ أمر الوالد والزوج
  10-02-2025 03:06 صباحاً   [2]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 03-01-2025
رقم العضوية : 1666
المشاركات : 3800
رصيد العضو : 2106.65
الدولة : مصر
الجنس :
الدعوات : 5
يتابعهم : 10
يتابعونه : 12
قوة السمعة : 1660
اه لو يهتموا واه لو كل رجل يعمل دوره
سنصبح افضل امه كما كنا
توقيع :Mohamed Hassan
 


:lol::no::cool:Mohamed-Hassan:lol::no::cool: 

look/images/icons/i1.gif الخيط الرفيع بين تعارُضِ أمر الوالد والزوج
  10-02-2025 10:23 مساءً   [3]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 11-01-2025
رقم العضوية : 1788
المشاركات : 3181
رصيد العضو : 2575
الجنس :
يتابعهم : 5
يتابعونه : 3
قوة السمعة : 2380
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة: آمون بتاريخ: 09-02-2025 10:20 مساءًبارك الله في نساء المسلمين
 
امين يارب العالمين

look/images/icons/i1.gif الخيط الرفيع بين تعارُضِ أمر الوالد والزوج
  10-02-2025 10:24 مساءً   [4]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 11-01-2025
رقم العضوية : 1788
المشاركات : 3181
رصيد العضو : 2575
الجنس :
يتابعهم : 5
يتابعونه : 3
قوة السمعة : 2380
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة: Mohamed Hassan بتاريخ: 10-02-2025 03:06 صباحاً
اه لو يهتموا واه لو كل رجل يعمل دوره
سنصبح افضل امه كما كنا
 
صح كلامك اخي

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
الخيط ، الرفيع ، تعارُضِ ، الوالد ، والزوج ،










الساعة الآن 06:00 AM