ليس تناول موضوع ضرورة إقبال الإنسان على التعلُّم بجديد؛ لأن القناعة بأهميته ثابتة من المهد إلى اللحد، ولكن مكمن الانشغال يتعلق بمدى توفر سبل ضمان دوامه، سواء لضرورة اقتصادية، أو لتحد معيشي؛ فدوام التعلم يضمن المستقبل الوظيفي في ظل التحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي.
فهرس المحتوي إتقان استخدام التقنيات الحديثة قدرات الاستنتاج والتعلُّم التعلم طوال العمر تعقيدات الحياة المعاصرة تقنيات الذكاء الاصطناعي المهارات الجديدة تراجع مكانة التدريب بالمؤسسات التطوير المهني الذاتي حسابات التعليم الفردية خدمات الترقية الوظيفية اللغة الرمزية المشتركة إتقان استخدام التقنيات الحديثةأحدثت موجة التغيير العالمية الحالية الناتجة عن التطور التكنولوجي والتقدم العلمي، قفزات هائلة في مسيرة الحضارة الإنسانية، ولكنها فرضت واقعًا جديًدا أوجب ضرورة التعامل معه؛ وهو مواجهة حالات سوء وانحراف استخدام التطبيقات التكنولوجية، وتعلم كيفية تجاوز مظاهر الفوضى بطريقة حكيمة تسهم في تغيير النظرة إلى التعليم، وجعله في خدمة إتقان استخدام التقنيات الحديثة لتحقيق نتائج أفضل.قدرات الاستنتاج والتعلُّميؤكد بعض المتشائمين أننا لازلنا بعيدين عن مجتمع العقل ، ولدينا قصور في المشاركة في الجهود الدولية لإثراء الحديث بالأفكار حول سبل تعاون أدوات الذكاء المتطورة التي لديها قدرات الاستنتاج والتعلم وتجيد طرق تمثيل المعرفة والمنطق؛ وهو قصور نتج عن العلاقة السائدة في الدول النامية؛ باتباع قاعدة بسيطة وهي الحصول على أكبر قدر من التعليم في وقت مبكر لحياة مهنية أطول، وكسب مالي أكثر يضمن ارتقاء الفرد ورفاهية أسرته.التعلم طوال العمرولكن الجديد في الأمر، أنه إذا كان الفرد يريد أن يكون موظفًا لأطول فترة من حياته؛ فعليه السعي إلى التعلم طوال عمره؛ لأن ما اكتسبه بعد تخرجه من الجامعة، قد تغير بعد أن أزاحت المعطيات المغايرة للواقع، الأفكار القديمة التي لم تعد في معظمها مقبولة فكريًا، أو ثقافيًا، أو عمليًا، ولا تستجيب فعليًا لمتطلبات الحياة الحديثة.تعقيدات الحياة المعاصرةتضعنا تعقيدات الحياة المعاصرة أمام حتمية التوجه لنيل أكبر قدر من التعلم في المجالات التي تواكب متطلبات سوق العمل، وأن تتكيف مع تقلبات موجات التغيير وتزايد التحديات المعيشية؛ فنكون بذلك أمام مسألتين:الأولى: تأثير انعكاسات الأزمات المالية وآثارها الاقتصادية على وضع وحياة الفرد والمجتمع.الثانية: تأثير قانون العرض والطلب في سوق الكفاءات بعد زيادة عدد حاملي الشهادات الجامعية وانخفاض المردود المادي مقابلها.تقنيات الذكاء الاصطناعيومن أبرز التحديات الحالية، التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في مختلف الأعمال والحياة اليومية للأفراد؛ حتى أزاحت الكثير من الموظفين والعمال من أعمالهم؛ لذا أصبحت مواصلة التعلُّم وترقية المعارف استثماًرا، حقيقيًا يدوم طوال حياة الفرد.المهارات الجديدةالمتفق عليه بالملاحظة وبالتجربة العملية أن الشهادة الجامعية في بداية دخول الفرد الحياة العملية، لم تعد تغني عن المهارات الجديدة، أو تلغي الحاجة إليها بشكل مستمر، بل تزداد هذه الحاجة كلما طالت فترة ممارسة المهنة؛ حيث يبرز الدور المؤثر والمفيد للتدريب المهني خلال فترة الممارسة لصقل مهارات الموظفين والعمال في مجال عملهم، وتحديث معارفهم، بما يواكب التطور التكنولوجي واعتماد الرقمنة في مجمل مجالات الحياة.إنها معارف يجب تعلمها في وقت مبكر، وهنا يجب على الدولة تزويد موظفيها بالخبرات المطلوبة، في وقت تراجع فيه أرباب العمل عن تدريب موظفيهم؛ بمعنى عدم الرغبة في تنمية قدراتهم لصالح العمل.والمفارقة الغريبة أيضًا أن بعض المؤسسات قد تخلت عن هذه المهمة، وأصبحت تبحث عن الكوادر الجاهزة؛ وبذلك انتقلت مسؤولية التطوير المهني إلى الفرد ذاته.تراجع مكانة التدريب بالمؤسساتويعود تراجع مكانة التدريب بالمؤسسات إلى عدة أسباب؛ منها: أن ميزانيات التدريب كثيرًا ما تتعرض لعدم الثبات، وربما إلى تخفيض حجم المخصصات؛ نتيجة عسر مالي، أو ضغوط اقتصادية، كما يؤدي تغيير نمط سوق العمل إلى مراجعة جدوى مسألة التدريب إلى حين اتضاح طبيعة مجموعة أوسع من الخيارات لإنجاز المهام؛ والتي منها التشغيل الآلي، ونقل الأعمال لإنجاز مهام خارج البلاد.التطوير المهني الذاتيولا يرى فريق من المتفائلين أن الصورة قاتمة ومليئة بالتحديات إلى هذا الحد، بل ثمة مسائل إيجابية تكمن في توفر سبل التطوير المهني الذاتي، وانتشار الدورات التدريبية على الإنترنت من شركات عالمية تركز على التوظيف، إلى جانب موقع ” لينكد إن ” الذي اشترى حديثًا موقع الشبكات المهنية، وكذلك شركة ” ليندا ” لأعمال التدريب عبر الإنترنت، والتي تقدم دورات من خلال ” لينكد إن للتعلم "، كما أنَّ لدى شركة "بلورالسايت” للتعليم عبر الإنترنت مكتبة من أشرطة الفيديو للتدريب حسب الطلب. وقد أخذت الجامعات تعتمد على مقررات التعليم عن بُعد عبر الإنترنت.حسابات التعليم الفرديةوهناك دول آسيوية كثيرة؛ منها سنغافورة التي تستثمر بكثافة في تزويد مواطنيها بمقررات تعليمية يعتمدون عليها طوال حياتهم العملية؛ فأنشأت وموّلت حسابات التعليم الفردية لكل مواطن يزيد سنه عن 25 عامًا للإنفاق على برامج التدريب في قائمة من 500 مؤسسة معتمدة للتدريب المهني.وأنشأت فرنسا حسابات تدريب فردية يمكن للعاملين استخدامها لدفع تكاليف 24 ساعة من التدريب سنويًا على مدى 8 سنوات في مجموعة كبيرة من البرامج.خدمات الترقية الوظيفيةوبرزت شركات متخصصة في تقديم خدمات الترقية الوظيفية والتطوير المهني والتقني؛ مثل "وان مانث”، و”كود أكاديمي” وشركة "الجمعية العامة” في لندن التي تقدم خدمات تعليمية مختلفة؛ مثل "المهارات القاسية” كالترميز والتنقيب عن البيانات، وأيضا "المهارات الناعمة”؛ مثل القيادة والمرونة والقدرة على التحدي.اللغة الرمزية المشتركةولعل نجاح هذه الشركة في تعليم اللغة الرمزية المشتركة في برنامج دائم يمتد ما بين 10 إلى 12 أسبوعًا عبر فروعها في 20 مدينة في العالم حتى تخطى عدد المتخرجين 35000 لهو خير مثال على توضيح حجم زيادة الطلب على التعليم الوظيفي والتكوين المهني المتواصل، وعلى مدى تأكيد أهمية وجود مثل هذه المؤسسات في مجتمعاتنا؛ إذ أصبحت ضرورة حيوية لحاضر ومستقبل الفرد ولتنمية الاقتصاد الحديث