[ :: ملتقـــى شباب سبيـــس بــاور :: ]
(نسخة قابلة للطباعة من الموضوع)
https://spacepower.site/index.php?page=topic&show=1&id=3010
أنقر هنا لمشاهدة الموضوع بهيئته الأصلية

حصرياً على منتدى سبيس باور - ابتسامة ياسين الأخيرة
آمون 08-02-2025 03:36 صباحاً
 
ابتسامة ياسين الأخيرة

أنا مش شخص بيصدق الخرافات، ولا عمري خفت من قصص الأشباح، لكن اللي حصل معايا خلاني أشوف الدنيا بشكل مختلف. فيه لحظات بتخليك تسأل نفسك… هل اللي قدامك ده فعلاً إنسان؟ ولا شيء تاني… شيء أخطر بكتير؟

OTU5NzEwLjIwMjMUntitled

البداية
اسمي هشام، مغترب من سنين طويلة. سافرت بره البلد بعد طلاقي من "نسرين"، أم ابني ياسين، واتجوزت مرة تانية. كنت فاكر إن الزمن هيخليني أنسى، لكن القدر كان ليه رأي تاني… نسرين ماتت فجأة، واضطريت أرجع عشان آخد واجب العزاء وأشوف ياسين لأول مرة من خمس سنين.

لما وصلت، حسيت إن وجودي غير مرحب بيه. أخو نسرين، "حسام"، وقف قدامي وقال لي بحدة:

— "مش هتعرف تربيه… إحنا هنا معاه، مش هنسيبه يعيش مع مرات أب!"
لكن والدها قاطع النقاش وقال بجملة غريبة:
— "هيرجع يا حسام، هو والده… بس مش هيستحمل."


ما اهتمتش بكلامهم، وأخذت ياسين ورجعت القاهرة، وأنا متأكد إنها بداية جديدة لينا إحنا الاتنين. لكن من اللحظة الأولى، بدأت أحس إن في حاجة غلط… حاجة أكبر مني ومنه.



لما دخلنا الشقة، استقبلتنا زوجتي "علياء" وبنتي الصغيرة "سمر"، اللي عمرها ٣ سنين. علياء كانت متفهمة ومستعدة تتقبل ياسين، لكنها لاحظت حاجة غريبة… هدوءه.
كان واقف في وسط الشقة بدون أي انفعال، عيونه ثابتة كأنه شايف حاجة إحنا مش شايفينها. حتى لما قعدنا على العشا، كان بارد جدًا، وفضل مركز على الطاولة كأنه مستني حد.


قلت له:

— "يلا يا بطل، لازم تاكل، شكلك ضعيف شوية."
رفع عيونه ببطء وقال بابتسامة صغيرة:
— "مستني ماما نسرين."
حسيت بقشعريرة في جسمي، لكن علياء حاولت تهدي الموقف بابتسامة وقالت:
— "يا حبيبي، ماما عند ربنا، صح؟"
هزّ رأسه بإيجاب… لكنه قال بصوت هادي:
— "أيوه… بس هي رجعت."


وأنا نايم، صحتني علياء على صوت همسات… صوت طفل بيكلم حد، بهدوء كأنه خايف حد يسمعه.
خرجت من الأوضة، ومشيت بحذر ناحية أوضة ياسين. الباب كان موارب، ومن وراه شفته قاعد على سريره، بيبص للحيطة وبيهمس بصوت هادي:
— "بس هو لسه مش جاهز… مش كده؟"
— "طيب، هقوله قريب… بس مش دلوقتي."
— "أنا عارف… بس هو لازم يفهم بنفسه."
دخلت بسرعة، وقلبي بيدق جامد.


— "ياسين، بتكلم مين؟"

بصلي عادي جدًا وابتسم.
— "بكلم نفسي."
— "لكن أنا سمعتك بتتكلم مع حد."
هزّ رأسه بنفس الابتسامة وقال:
— "بابا… مش لازم تعرف كل حاجة."



الليل كان هادي إلا من صوت الرياح اللي بتخبط في الشبابيك. كنت نايم، لكن فجأة صحيت على نفس الهمسات… لكن المرة دي، كان في صوت تاني… صوت تقيل وخشن، لكنه مش واضح، كأنه طالع من جدران الأوضة.

— "آه… هو نايم، مش هيحس بحاجة."

دي الجملة اللي سمعتها من ابني.
قمت بحذر، فتحت الباب شوية، وبصيت جوه…
ياسين كان قاعد على سريره، ضهره لي، بيهزّ راسه ببطء. بس الغريب إنه كان بيبص لنفس المكان… ناحية الكرسي اللي في الركن.
الكُرسي كان فاضي.
لكن كان في ظل… ظل حد قاعد عليه.
حاولت أتكلم، لكن صوتي ماطلعش. حسيت بكتمة، بكهربا في ضهري، وجسمي كله تلجم.
وفجأة، ياسين لفّ راسه ناحيتي… لكن جسمه ما اتحركش.
تجمدت مكاني… ياسين كان بيبصلي بنفس الابتسامة الهادية… لكنها كانت باردة… مش طبيعية.
بخطوة بطيئة، دخلت الأوضة، قلبي بيخبط في ضلوعي، وقلت بصوت مهزوز:


— "ياسين… إنت بتتكلم مع مين؟"

سكت… وشه فضل مبتسم لكنه مردش. حسيت إن الجو في الأوضة تقل، كأن الهوا بقى تقيل، صعب تتنفسه.
— "ياسين… إنت بتتكلم مع مين؟"
اتجاهل كلامي تمامًا، شدّ البطانية وقرر ينام.


خرجت وأنا قلبي بيدق بسرعة، دخلت أوضتي لقيت علياء ماسكة بنتي سمر في حضنها ووشها شاحب.

— "في إيه؟" سألتها.
بصت لي وقالت بصوت واطي:
— "في حد كان بيتمشى في الشقة، يا هشام."
اتشنج جسمي، وسألتها:
— "حد مين؟"
هزّت رأسها، وقالت وهي بتبص ناحية الباب:
— "ماعرفش… بس كنت نايمة، وفجأة سمر صحتني بتعيط… كانت بتقول إن في حد واقف عند باب الأوضة، بيبص عليها."



قررت أسهر، أراقب كل شيء. الساعة ٤:٣٠ صباحًا، سمعت صوت أنفاس ضعيفة جاي من ناحية المطبخ.
مشيت بحذر، فتحت الباب بهدوء…
ياسين كان واقف قدام الحوض، ظهره لي.
— "ياسين… بتعمل إيه هنا؟"
ما اتحركش.
بعد لحظة، لفّ جسمه ببطء شديد… كانت عيونه مفتوحة على الآخر، ووشه أبيض شاحب.
— "بابا… ماما نسرين عايزة تشوفك."
بلعت ريقي بصعوبة.
— "ياسين، مامتك ماتت… إنت عارف كده."
هزّ رأسه ببطء، وابتسم ابتسامة باردة.
— "هي واقفة وراك يا بابا."
تجمدت مكاني.
حسيت بنفس بارد بيزحف على رقبتي، كأن في حد واقف فعلاً ورايا. ما قدرتش ألفّ.
ياسين لوّح بيده ناحية الفراغ، وهمس:
— "هي بتقول إنها وحشتك…"
ما استحملتش، سحبت ياسين من دراعه وخرجت بيه، وأنا متعمد ما أبصش ورايا.



لما رجعت من السفر، لقيت البيت هادي تمامًا. ناديت على علياء… ما حدش رد.
دخلت الصالة… كان في سائل أحمر على الأرض.
شغلت فلاش الموبايل…
ولقيت جثة علياء.
كانت مرمية على الأرض، عيونها مفتوحة على السقف، ورقبتها متشرخة بعمق… كأن حد شرخها بسكينة مصدية. بنتي سمر كانت جنبها… جثة هامدة.
في اللحظة دي، سمعت صوت خطوات في الصالة.
وجهت الكشاف…
ياسين كان واقف هناك، عيونه سوداء بالكامل. وراه كان فيه شيء غريب… أسود تمامًا.
ابتسم ياسين وقال:
— "ماما بعتتلك رسالة…"
الباب اتقفل…
ولقيت الشيء ده بيجري عليّ.


بلاغ الشرطة:
"الجيران سمعوا صراخ صاحب الشقة، ولما كسروا الباب… لقوا الطفل الوحيد في الصالة، وسط جثث العيلة كلها. وكان… مبتسم."
   
[ :: ملتقـــى شباب سبيـــس بــاور :: ]

Copyright © 2009-2025 PBBoard® Solutions. All Rights Reserved