الأساطير حول خلق الكون في تونس ليست منتشرة على نطاق واسع مثل بعض الثقافات الأخرى ولكن هناك بعض الحكايات والأساطير الشعبية المتوارثة التي يمكن أن تلمح إلى نظرة كونية قديمة لدى السكان الأصليين وخاصة الأمازيغ، الذين سكنوا المنطقة قبل الفتح الإسلامي.
أسطورة الخلق وفقًا للموروث الأمازيغي
في الميثولوجيا الأمازيغية، هناك اعتقاد بأن الكون بدأ من كيان أسمى يطلق عليه اسم "أنزار"، وهو إله المطر في بعض الروايات. لا توجد أسطورة خلق متكاملة مثل الأساطير اليونانية أو الإسكندنافية، لكن يمكننا استخلاص بعض المفاهيم الكونية من الفولكلور التونسي خصوصًا ما يتعلق بالطبيعة والماء والجبال، التي لعبت دورًا مهمًا في تصورات الأمازيغ عن أصل العالم.
1. أنزار وإكى (أسطورة المطر)
واحدة من أشهر الأساطير الأمازيغية التي تحمل إشارات إلى الخلق هي قصة أنزار وإكَى. تقول الأسطورة إن أنزار، إله المطر وقع في حب فتاة جميلة تدعى إكَى (بعض الروايات تسميها تانيت، نسبةً للإلهة الفينيقية). عندما رفضت الزواج منه، غضب أنزار وسحب مياهه من الأرض، مما أدى إلى جفاف قاتل. وبعد أن قبلت الزواج منه أعاد المياه، وهكذا أصبحت الأمطار رمزًا للحياة والاستمرارية. يمكن أن يُنظر إلى هذه الأسطورة على أنها تفسير رمزي لبداية الحياة، حيث تعتمد الأرض والإنسان على الماء للوجود والاستمرار.
2. تنزروفت (أسطورة الأرض والسماء)
في بعض التقاليد الشفوية، كان يُعتقد أن السماء والأرض كانتا في الأصل كيانًا واحدًا، لكن انفصالهما أدى إلى نشوء العالم. في البداية لم يكن هناك شيء سوى الفراغ والفوضى، ثم بدأ العالم يتشكل عندما رفع أحد الآلهة السماء عن الأرض، مكونًا بذلك فضاءً يسمح بالحياة. هذه الأسطورة تتشابه مع أساطير الخلق في الثقافات الأخرى، مثل أسطورة "نوت" و"جب" في مصر القديمة حيث كانت السماء والأرض متصلتين قبل أن يفصل بينهما أحد الآلهة.
3. دور الجبال في الخلق
يعتقد بعض سكان جبال تونس القديمة أن الجبال كانت في الأصل كائنات حية أو عمالقة متحجرة، وأنها كانت جزءًا من القوى التي شكلت العالم. بعض الأساطير المحلية تقول إن الجبال تحمل السماء، وإنها تمنعها من السقوط على الأرض. في هذا التصور، نجد انعكاسًا لفكرة الخلق التي ترى أن الكون مستقر بفضل الجبال
العلاقة بين الأساطير الأمازيغية والفينيقية في تونس
بسبب تأثير الفينيقيين على شمال إفريقيا، تأثرت الأساطير الأمازيغية بآلهة مثل تانيت وبعل حمون واللذين كانا مرتبطين بالخلق والخصوبة. تانيت، على وجه الخصوص، كانت تُعبد كإلهة للأرض والإنجاب مما يعزز الفكرة بأن الخلق في المخيال الشعبي التونسي كان مرتبطًا بالأرض والماء.
هل هناك أسطورة مكتملة عن الخلق؟
لا توجد أسطورة خلق متكاملة محفوظة في النصوص عن كيفية نشوء الكون وفقًا للفكر الأمازيغي في تونس ولكن يمكننا إعادة بناء بعض الأفكار استنادًا إلى الأساطير التي تتحدث عن الماء، الجبال، والانفصال بين السماء والأرض. ربما تكون هذه المعتقدات قد تطورت وتداخلت مع الأساطير الفينيقية والإسلامية لاحقًا، مما جعلها غير واضحة كقصة مستقلة.
الختام
الماء هو أساس الخلق: يظهر في أسطورة أنزار وإكى حيث كان الماء رمز الحياة والخصوبة.
السماء والأرض كانتا متحدتين: ثم انفصلتا، مما سمح بوجود الحياة.
الجبال كقوى كونية: في بعض الأساطير تحمل السماء وتحافظ على التوازن.
تأثير الفينيقيين: خصوصًا من خلال تانيت وبعل حمون.
توقيع :Hayam Shawky
يقولون يمكن للقلوب الدافئة أن تذيب الثلج، ولكن ما لا يعلموه أن تلك القلوب تتجمد مع مرور الوقت
وقد تتجمد هي عندما يكون الثلج قد ذاب