logo




آخر المشاركات

أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في [ :: ملتقـــى شباب سبيـــس بــاور :: ]، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

الاستغفار: فضائل وضوابط وقواعد

  الاستغفار: فضائل وضوابط وقواعد   : عن شداد بن أوس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سيِّدُ الاستغفار أن يقول العبد: اللهُمَّ أنت ربِّي،





23-01-2025 12:51 مساءً
 
الاستغفار: فضائل وضوابط وقواعد
 
[1] [سيد الاستغفار]:
عن شداد بن أوس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((سيِّدُ الاستغفار أن يقول العبد: اللهُمَّ أنت ربِّي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعتُ، أبوءُ لكَ بالنعمةِ، وأبوءُ لكَ بذنبي، فاغفِرْ لي، إنَّه لا يغفِرُ الذُّنوبَ إلَّا أنت))، قال: ((إنْ قالها بعدما يصبح موقنًا بها، ثم مات، كان من أهل الجنة، وإنْ قالَها بعدما يُمسي مُوقِنًا بها، ثم مات، كان من أهل الجنة)).
 
[2] [تكرير الاستغفار]:
في صحيح مسلم من حديث الأغر المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي، وإني لأستغفر الله في اليوم مئة مرة)).
قوله: ((يُغان)) معناه: يغطي ويلبس على قلبي، وأصله من الغين وهو الغطاء، وكل حائل بينك وبين شيء فهو غين؛ ولذلك قيل للغيم: غين، واستغفاره إظهار للعبودية والافتقار وملازمة الخضوع؛ شكرًا لما أولاه به.
 
[3] [تكرير التوبة]:
وفي صحيح مسلم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أيُّها الناسُ، توبوا إلى الله، فإني أتوبُ إليه في اليوم مئة)).
وأمره صلى الله عليه وسلم بالتوبة موافق لقوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ ﴾ [التحريم: 8] أمر على جهة الوجوب، كما قال تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [النور: 31]، وقال: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [الحجرات: 11]، ولا خلاف أنها واجبة على كل مَن أذنَبَ.
 
[4] [الجمع بين الاستغفار والتوبة]:
وفي صحيح البخاري: ((والله، إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعينَ مرةً)).
فأولى العباد بالاجتهاد في العبادة الأنبياء عليهم السلام؛ لما حباهم الله به من معرفته، فهم دائبون في شكر ربهم، معترفون له بالتقصير، لا يدلون عليه بالأعمال، مستكينون خاشعون.
 
[5] [الإكثار من التسبيح والاستغفار والتوبة]:
في صحيح مسلم عن عائشة، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول قبل أن يموت: ((سبحانك وبحمدك، أستغفرك وأتوب إليك))، قالت: قلت: يا رسول الله، ما هذه الكلمات التي أراك أحدثتها تقولها؟ قال:((جعلت لي علامة في أُمَّتي إذا رأيتها قلتها ﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ﴾ [النصر: 1])) إلى آخر السورة، وفي رواية:((سبحانك ربِّي وبحمدك، اللَّهُمَّ، اغفر لي))، وهذا الذكر يقال في الركوع والسجود.
 
والتسبيح بمعنى التعجب، من المبالغة في الجلال والعظمة والبُعْد عن النقائص، وبعد نزول هذه السورة عاش النبي صلى الله عليه وسلم ثمانين أو ستين يومًا.
 
[6] [ختام الأعمال الصالحة بالاستغفار]:
وقد أمر أن يختم عمله الخاص والعام بالاستغفار، فكان الاستغفار نهاية أمره،وقال ابن القيم: كان صلى الله عليه وسلم يجعل الاستغفار في خواتم الأمور فيقول: إذا سلم من الصلاة: ((أستغفر الله)) ثلاثًا، وإذا خرج من الخلاء قال: ((غفرانك))، وورد الأمر بالاستغفار عند انقضاء المناسك ﴿ ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ﴾ [البقرة: 199].
 
[7] [الجمع بين التوحيد والاستغفار]:
قال تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ [محمد: 19]، وقال: ﴿ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ ﴾ [فصلت: 6]، فهذان الأمران جماع الدين.
 
ويروى أن الشيطان قال: أهلكت بني آدم بالذنوب، وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار، فلما رأيت ذلك بثثت فيهم الأهواء، فهم يذنبون ولا يتوبون؛ لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.
 
[8] [التوحيد جماع الخير كله، والاستغار يزيل الشر كله]:
وقد قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ﴾ [النساء: 48]، فالتوحيد هو جماع الدين الذي هو أصله وفرعه ولبُّه، وهو الخير كله، والاستغفار يزيل الشر كله، فيحصل من هذين جميع الخير وزوال جميع الشر، وكل ما يصيب المؤمن من الشر فإنما هو بذنوبه.
 
[9] [الاستغفار أمن من العذاب]:
و‌‌الاستغفار يمحو الذنوب فيزيل العذاب؛ كما قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الأنفال: 33].
 
[10] [الاستغفار في كل أركان الصلاة]:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يطلب من الله المغفرة في أول الصلاة في الاستفتاح، كما في حديث أبي هريرة في الصحيحين، وهو قوله: ((اللهُمَّ باعِدْ بيني وبين خطاياي، كما باعَدْتَ بين المشرق والمغرب، اللهم نقِّني من الخطايا كما يُنقَّى الثوبُ الأبيضُ من الدنس، اللهم اغسِل خطاياي بالماء والثلج والبَرَد)).
 
وفي صحيح مسلم من حديث علي بن أبي طالب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا قام إلى الصلاة، قال: ((وجَّهْتُ وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا، وما أنا من المشركين، إن صلاتي، ونسكي، ومحياي، ومماتي لله ربِّ العالمين، لا شريك له، وبذلك أُمِرتُ وأنا من المسلمين، اللهُمَّ أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربِّي وأنا عبدك، ظلمتُ نفسي، واعترفتُ بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيِّئها، لا يصرف عني سيِّئها إلا أنت، لبَّيْك وسعديك، والخيرُ كُلُّه في يديك، والشَّرُّ ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك)).
 
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يتهجَّد قال: ((اللهُمَّ لك الحمد، أنت قيِّمُ السموات والأرض ومن فيهن، فاغفِرْ لي ما قدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسرَرْتُ وما أعلنْتُ، أنت المقدم، وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت))، ويطلب الاستغفار في الركوع والسجود كما في حديث عائشة الصحيح أنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُكثِر أن يقول في ركوعه وسجوده: ((سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفِرْ لي، يتأوَّل القرآن)).
 
وروى مسلم وأبو داود عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: ((اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ، دِقَّهُ وَجُلَّهُ، وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ)).
 
ويطلب الاستغفار بين السجدتين إذا قعد، ففي السنن عن حذيفة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: ((ربِّ اغفِرْ لي، ربِّ اغفِرْ لي)).
 
وفي السنن عن ابن عباس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بين السجدتين في صلاة الليل: ((ربِّ اغفِرْ لي، وارحمني، واجبرني، وارزقني، وارفعني)).
 
وفي صحيح مسلم من حديث علي بن أبي طالب: ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهُّد والتسليم: ((اللهُمَّ اغفر لي ما قدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسررْتُ وما أعلنْتُ، وما أسرفْتُ، وما أنت أعلمُ به منِّي، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت)).
 
وفي الصحيح عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علِّمْني دعاء أدعو به في صلاتي، قال: ((قل: اللهُمَّ إني ظلمتُ نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني، إنك أنت الغفور الرحيم)).
 
فلم يبق حال من أحوال الصلاة ولا ركن من أركانها إلا استغفر الله فيه، فعلم أنه كان اهتمامه به أكثر من اهتمامه بسائر الأدعية.
 
[11] [استغفار الملائكة للمصلي]:
عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الملائكة تُصلِّي على أحدكم ما دام في مصلَّاه، ما لم يحدث: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة)).
 
[12] [الدعاء بالمغفرة في صلاة الجنازة]:
عن عوف بن مالك، يقول: صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة، فحفظت من دعائه وهو يقول: ((اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعفُ عنه، وأكرم نزله، ووسِّع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبَرَد، ونقِّه من الخطايا كما نقَّيْتَ الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارًا خيرًا من داره، وأهلًا خيرًا من أهله، وزوجًا خيرًا من زوجه، وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر - أو من عذاب النار -)) قال: «حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت».
 
[13] [استغفار النبي لآحاد الناس أو دعاؤه له بالرحمة سبب دخول الجنة]:
ويميِّز ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استغفر لرجل كان ذلك سببًا لوجوب الجنة له، مثل أن يستشهد، كما في حديث سلمة بن الأكوع.
 
لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم حداء سلمة قال: ((من هذا السائق))، قالوا: عامر بن الأكوع، قال: ((يرحمه الله)) قال رجل من القوم: وجبت يا نبي الله، لولا أمتعتنا به.
 
[14] [استغفارُ النبي صلى الله عليه وسلم للرجل أعظمُ عندهم من جميع الأدعية له]:
في صحيح مسلم عن عاصم، عن عبدالله بن سرجس، قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأكلت معه خبزًا ولحمًا، أو قال: ثريدًا، قال فقلت له: أسْتَغْفَرَ لك النبيُّ صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، ولك، ثم تلا هذه الآية ﴿ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ [محمد: 19].
 
[15] [استغفار الملائكة للمؤمنين فقط]:
وكذلك أخبر عن ملائكته أنهم يستغفرون للمؤمنين، وذلك أن المغفرة مشروطة بالإيمان، فلا تكون إلا لأهل الإيمان، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ﴾ [غافر: 7].
 
بخلاف العافية والرزق والهداية العامة، فإنها تحصل بدون الإيمان، فإن الكافر قد يهديه الله فيصير مؤمنًا، وقد يُعافيه ويرزقه مع كفره، وقد يُجاب دعاؤه، والمغفرة إنما هي للمؤمنين، فهي النهاية.
 
[16] [ترك الاستغفار للمنافقين]:
قال تعالى في المنافقين: ﴿ اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ﴾ [التوبة: 80]، وقال: ﴿ سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ ﴾ [المنافقون: 6]، وفي الصحيح أنه صلى على ابن أبي وألبسه قميصه، وتفل في فيه، واستغفر له، ثم قال: ((وماذا يغني عنه ذلك من الله؟)).
 
وكذلك استغفر للذين اعتذروا إليه لما رجع من غزوة تبوك، ثم أنزل الله فيهم بعد ذلك ما أنزل، فلم ينفعهم ذلك.
[17] [ترك الاستغفار للمشركين]:
قال تعالى: ﴿ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الممتحنة: 4] فأمرهم الله بالاقتداء بهم إلا في الاستغفار للمشركين.
 
وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((استأذنت ربي في الاستغفار لأُمِّي فلم يأذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي)).
 
وفي الصحيح أنه قال لأبي طالب: ((لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنك))، فأنزل الله: ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ [التوبة: 113].
 
فإذا كان استغفار الإنسان لغيره لا ينفعه إلا مع الإيمان، بخلاف الأدعية المروية في هذا الحديث من العافية والرزق والهداية والرحمة، إذا أريد بها رحمة الدنيا أو الرحمة من الدين تصيب الكافر، وأما إذا أريد بها أنه لا يعذب أو يدخل الجنة فهذا لا يصلح.
 
[18] [استغفار الإنسان أهم من جميع الأدعية لوجهين]:
أحدهما: أن استغفاره لنفسه يغفر له به جميع الذنوب إذا كان على وجه التوبة، حتى إن الكُفَّار إذا استغفروا لأنفسهم نفعهم ذلك، وكان سبب نجاتهم من عذاب الدنيا.
 
والثاني: أن عذاب الآخرة إنما يُنجي منه الاستغفار مع الإيمان، وهذا أيضًا من خصائص التوحيد، فإن المكلف لا ينفعه توحيد غيره عنه، ولا يُنجيه ذلك من عذاب الله عز وجل؛ بل لا يُنجيه إلا توحيد نفسه، ولا ينفعه مع عدم التوحيد الاستغفار عنه؛ بل لا ينفعه إلا استغفاره الذي تضمَّن توحيده وتوبته من الشِّرْك.
 
فصار الاستغفار مقرونًا بالتوحيد من البداية، ولا تقبل النيابة فيه ولا يهدى إلى الغير إلا إذا أتى هو به، فإذا كان هو من أهل ذلك نفعه حينئذٍ ما يريده غيره من ذلك، بخلاف الأعمال والأدعية التي تفعل عن الغير وتهدى له وإن لم يأتِ بأصلها.
 
وإنما كان الاستغفار هو النهايةمن العبد؛ لأن الذنب لازم لجميع بني آدم.
 
[19] [كمال المؤمنين من النبيين والصدِّيقين والشهداء والصالحين في التوبة من الذنب والاستغفار]:
قال تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72] إلى آخر السورة، وقد أخبر تعالى أنه يُبدل سيئات التائب حسنات، وأنه يفرح بتوبة العبد أشد فرح يقدر.
 
فالذنوب إذا كانت مغمورة بالحسنات لم يعاقب صاحبها بالنار؛ لكن يكون تأثيرها في تفاوُت الدرجات، فأعلى الخلق منزلةً العبد الذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخَّر.
 
وهذا وصف رسولنا صلى الله عليه وسلم الذي ذكره الطالبون للشفاعة منه يوم القيامة حيث قالوا: يا محمد، أنت رسول الله وخاتم الأنبياء، وقد غفر الله لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر، اشفع لنا إلى ربِّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه.
 
وجعل ذلك هو السبب في كونه يكون شفيع الخلائق؛ لأنه لما غفر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر لم يبق يحتاج إلى أن يشفع لنفسه ويستغفر، فأمكنه أن يشفع لغيره، بخلاف من يقول: نفسي نفسي، فإنه يكون محتاجًا إلى الشفاعة حينئذٍ لنفسه ويستغفر لنفسه، فلا يشفع لغيره في هذا المقام، وإن كان يشفع بعد ذلك.
 
وهذا كله مما يؤكد أمر الاستغفار ويُبيِّن أنه نهاية الأمر، وأن السائر فيه هو من سائر السابقين، فتكريره يُوجِب من ذلك ما لا يوجبه غيره، والله أعلم.

look/images/icons/i1.gif الاستغفار: فضائل وضوابط وقواعد
  24-01-2025 04:37 صباحاً   [1]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 31-12-2024
رقم العضوية : 189
المشاركات : 3293
رصيد العضو : 2524.8
الدولة : جمهورية مصر العربية
الجنس :
الدعوات : 2
يتابعهم : 45
يتابعونه : 8
قوة السمعة : 240
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا له لمهتدين
احسنت النشر، جزاك الله خيرا 
توقيع :Hayam Shawky
يقولون يمكن للقلوب الدافئة أن تذيب الثلج، ولكن ما لا يعلموه أن تلك القلوب تتجمد مع مرور الوقت
وقد تتجمد هي عندما يكون الثلج قد ذاب 

look/images/icons/i1.gif الاستغفار: فضائل وضوابط وقواعد
  24-01-2025 01:57 مساءً   [2]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 11-01-2025
رقم العضوية : 1788
المشاركات : 3206
رصيد العضو : 2593
الجنس :
يتابعهم : 5
يتابعونه : 3
قوة السمعة : 2380
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة: Hayam Shawky بتاريخ: 24-01-2025 04:37 صباحاًالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا له لمهتدين
احسنت النشر، جزاك الله خيرا 
 
شكرا لمرور حضرتك

look/images/icons/i1.gif الاستغفار: فضائل وضوابط وقواعد
  24-01-2025 08:51 مساءً   [3]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 03-01-2025
رقم العضوية : 1667
المشاركات : 1020
رصيد العضو : 914.78
الدولة : EGYPT
الجنس :
الدعوات : 2
يتابعهم : 8
يتابعونه : 9
قوة السمعة : 800
استغفرالله واتوب اليه 

جزاك الله خيرا 
توقيع :Essraa.essam
إذا ضاقت عليك الدنيا فلا تقل يا ربّ عندي همٌّ كبير بل قل يا همُّ عندي ربٌّ كبير..
 

look/images/icons/i1.gif الاستغفار: فضائل وضوابط وقواعد
  24-01-2025 11:08 مساءً   [4]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 11-01-2025
رقم العضوية : 1788
المشاركات : 3206
رصيد العضو : 2593
الجنس :
يتابعهم : 5
يتابعونه : 3
قوة السمعة : 2380
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة: Essraa.essam بتاريخ: 24-01-2025 08:51 مساءًاستغفرالله واتوب اليه 

جزاك الله خيرا 
 
نحن واياكم

look/images/icons/i1.gif الاستغفار: فضائل وضوابط وقواعد
  25-01-2025 02:40 مساءً   [5]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 29-12-2024
رقم العضوية : 40
المشاركات : 697
رصيد العضو : 900.73
الجنس :
يتابعهم : 9
يتابعونه : 57
قوة السمعة : 7820
الله يجزاك كل خير تسلم ايديك

look/images/icons/i1.gif الاستغفار: فضائل وضوابط وقواعد
  25-01-2025 06:55 مساءً   [6]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 11-01-2025
رقم العضوية : 1788
المشاركات : 3206
رصيد العضو : 2593
الجنس :
يتابعهم : 5
يتابعونه : 3
قوة السمعة : 2380
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة: Sarah بتاريخ: 25-01-2025 02:40 مساءًالله يجزاك كل خير تسلم ايديك
 
نحن واياكم يارب

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد




الكلمات الدلالية
الاستغفار: ، فضائل ، وضوابط ، وقواعد ،










الساعة الآن 12:58 AM