تعتبر السنة الأولى من الزواج بالنسبة للزوجين من أصعب مراحل حياتهما الأسرية؛ فهي كالاختبار الصعب إذا تمَّ تجاوزُه بنجاح، سارت الحياة الزوجية بأقل المشاكل والخلافات، وهي مرحلة انتقالية من العزوبية إلى حياة مشتركة مع شريك آخر يشاركه اختياراته وقراراته وهمومه.
وتتميَّز السنة الأولى بظهور خلافات ومشاكل مفاجئة بشكلٍ غير متوقع وغير محسوب، حتى إن الأزواج أنفسهم يتفاجئون بحجم المشاكل وتداخُلها، والبعض الآخر يقف حيرانًا لا يعرف كيف يتعامل معها، مشاكل متنوِّعة في الدراسة والسهر والنفقة والطعام واللباس وأغراض البيت والسرير والأهل واختلاف القِيَم والعادات وغيرها.
تقول أمُّ لما: أول سنة زواج كانت أسوأ سنة في حياتي رغم أن زواجنا كان عن حُبٍّ، وزوجي رجل خلوق ومحترم؛ لكن اختلاف الطبع وتدخُّل الأهل بحياتنا وصغر سِنِّي، كُلُّها أمور أدَّتْ إلى مشاكل كثيرة؛ ثم إلى الطلاق، ثم رجعنا لبعض، والآن تجاوزنا كل تلك الخلافات ونعيش حياةً سعيدةً، ولا نسمح لأحد أن يتدخَّل في حياتنا.
ويقول أبو سليم: الاختيار يلعب الدور الأكبر في حياة الأزواج، عشت مع زوجتي سنة وأربعة أشهر كانت فترة سيئة جدًّا من حياتنا، كُلُّها مشاكل وخلافات، استنفدنا جميع المحاولات إلى أن وصلنا للطلاق؛ لأن اختياري كان غير مناسب، أنا لا أتَّهم طليقتي أنها سيئة؛ لكني اكتشفت أننا لا نصلح لبعض، فهناك أشخاص جيِّدون جدًّا في المجتمع؛ لكن لا يستطيعون العيش معًا كأزواج.
أيها الأزواج الكِرام، عليكما في السنة الأولى أن تتصرَّفا بحكمة ورويَّة مع الانتباه للنقاط التالية:
اكتشاف الحياة الجديدة بهدوء، وعدم التصرُّف بشكل مُتسرِّع ومنفرد، مع الابتعاد عن ردَّات الفعل الغاضبة.
غالبًا ما تتراجع قوة المشاعر العاطفية والرومانسية بين الزوجين بعد أشهر قليلة من بداية الزواج، وهذا لا يعتبر موتًا للحب بعد الزواج، وإنما انتقال إلى مرحلة جديدة من الترابط العاطفي، وهذا تطوُّر طبيعي للعلاقة الزوجية.
عدم الاعتماد على التوقُّعات والتصوُّرات المسبقة عن الزواج وعن شريك الحياة؛ لأنها تقود إلى المزيد من التوتُّر؛ بل عليه التأقلم مع الواقع الحقيقي للعلاقة الزوجية ومحاولة التعارُف، ثم التآلُف مع الشريك الجديد.
في الشهور الأولى قد يهمل الزوجان أو أحدهما مسؤولياته والتزاماته، وهذا طبيعي بسبب المرحلة الجديدة؛ لذا فإن الحوار المفتوح بين الزوجين من أقصر الطرق وأفضلها لفَضِّ الخلافات والمشاكل المتعلِّقة بالالتزام.
قد يشعر أحدهما بالندم وخيبة الأمل على الزواج بسبب المشاكل وعدم القدرة على التعامُل مع شريك الحياة، وهذا أمر طبيعي بسبب عدم التكيُّف الجيد من الطرفين؛ لذا عليهما تقبُّل هذه المشاعر وفهمها وعدم وضع المسؤولية على الشريك الآخر مع عدم التصريح بهذه المشاعر.
معظم العادات اليوميَّة المزعجة عند الزوجين لا تظهر قبل الزواج، مثل: الفوضى وعدم التنظيم وعادات الطعام والاستحمام، وهنا عليك بالتكيُّف مع عادات شريك الحياة ومساعدته على تغيير السلوكيَّات السلبية.
الشجار بين الزوجين في السنة الأولى ليس مشكلة؛ إنما المشكلة دائمًا كيف ينتهي هذا الشجار؟ وهل النهاية ممتدة لمشاكل جديدة أو تنتهي في وقتها؟ إن اكتساب الزوجين لمهارات حل المشكلات وغيرها من خلال حضور الدورات التدريبية والاستماع للمتخصصين تُقلِّل من هذه المشاكل.
غالبًا ما يكون الاندماج مع أسرة الشريك الآخر مرحلةً صعبةً تحتاج إلى الكثير من الصبر والحكمة؛ لتجنُّب خلافات عميقة ومزمنة، وهنا يجب عليهما الاتفاق المسبق في آلية التعامُل مع الأسرة، مع الحرص على كسب أسرة الشريك الآخر؛ لأنها تُقلِّل التصرُّفات المزعجة من قبل الجميع.
يستقبل العروسان في السنة الأولى من النصائح أكثر ممَّا يستقبلان من التهاني، وعادةً ما تقود هذه النصائح إلى مزيد من التوتُّر والخلافات، وهنا على الزوجين عدم تعميم التجارب السلبية على الشريك الآخر، وعند الحاجة لعلاج المشكلة طلب الاستشارة من مستشار مختص بالعلاقات الأسريَّة والزوجية.
قرار الإنجاب من أكثر القضايا تعقيدًا في السنة الأولى من الزواج، والأفضل أن يكون الإنجاب قرارًا مشتركًا مخططًا له، وليس فجأة أو حيلة.
أسأل الله أن يُصلِح الشباب والفتيات، وأن يجمع بين قلوب المتزوِّجين والمتزوِّجات على طاعة الله والحب والتواصُل السليم، وأن يخرج من تحت أيديهم مَنْ يعبد الله على الحق، وأن يجعل أولادهم لبنات خير على المجتمع والوطن، وصلَّى الله على سيدنا محمد.